على ان طبيعيى وجوب الصوم مغيى ، فوجوب الصوم بمثابة الربا و( مغيى ) بمثابة ( ممنوع ) ، فتجرى قرينة الحكمة على نحو واحد.
وأما القول الثانى فلا يدل على ان طبيعى وجوب الصوم مغيى بالغروب ، بل يدل على إصدار وجوب مغيى بالغروب ، وهذا لا ينافى انه قد يصدر وجوب آخر غير مغيى بالغروب ، فالقول الثانى إذن لا يثبت اكثر من كون الغروب غاية لذلك الوجوب الذى تحدث عنه.
فاذا اتضح هذا ، يتبين ان إثبات مفهوم الغاية فى المقام ، وان المغيى هو طبيعى الحكم ، يتوقف على ان تكون جملة ( صم الى الغروب ) فى قوة قولنا : ( وجوب الصوم مغيى بالغروب ) لا فى قوة قولنا : ( جعلت وجوبا للصوم مغيى بالغروب ) ، ولا شك فى ان الجملة المكذورة فى قوة القول الثانى لا الأول ، إذ يفهم منها جعل وجوب الصوم فعلا وابرازه بذلك الخطاب ، وهذا ما يفى به القول الثانى ، دون الأول. فلا مفهوم للغاية إذن ، وانما تدل الغاية على انتفاء شخص الحكم ، كما تدل على السالبة الجزئية التى كان الوصف يدل عليها أيضا ، كما تقدم.
ونفس ما تقدم فى الغاية يصدق على الاستثناء ، فانه لا شك فى دلالته على نفى حكم المستثنى منه عن المستثنى ، ولكن المهم تحقيق ان المنفى عن المستثنى بدلالة أداة الاستثناء ، هل هو طبيعى الحكم أو شخص ذلك الحكم؟ وهنا أيضا لو حولنا الاستثناء فى قولنا : يجب إكرام الفقراء الا الفساق ، الى مفهوم إسمى ، لوجدنا ان بالامكان ان نقول تارة : وجوب اكرام الفقراء يستثنى منه الفساق. وان نقول اخرى :