سكوت المعصوم عن موقف يواجهه يدل على امضائه ، إما على أساس عقلى باعتبار انه لو لم يكن الموقف متفقا مع غرضه ، لكان سكوته نقضا للغرض ، أو باعتبار انه لو لم يكن الموقف سائغا شرعا ، لوجب على المعصوم الردع عنه والتنبيه ، وإما على اساس استظهارى باعتبار ظهور حال المعصوم فى كونه بصدد المراقبة والتوجيه.
والموقف قد يكون فرديا ، وكثيرا ما يتمثل فى سلوك عام يسمى ببناء العقلاء أو السيرة العقلائية ، ومن هنا كانت السيرة العقلائية دليلا على الحكم الشرعى ، ولكن لا بذاتها ، بل باعتبار تقرير الشارع لها وامضائه المكتشف من سكوت المعصوم وعدم ردعه.
وفى هذا المجال ينبغى التمييز بين نوعين من السيرة :
أحدهما : السيرة بلحاظ مرحلة الواقع ، ونقصد بذلك السيرة على تصرف معين باعتباره الموقف الذى ينبغى اتخاذه واقعا فى نظر العقلاء ، سواء كان مرتبطا بحكم تكليفى ، كالسيرة على اناطة التصرف فى مال الغير بطيب نفسه ، ولو لم يأذن لفظيا ، أو بحكم وضعى ، كالسيرة على التملك بالحيازة فى المنقولات.
والنوع الاخر : السيرة بلحاظ مرحلة الظاهر والاكتفاء بالظن ، ونقصد بذلك السيرة على تصرف معين فى حالة الشك فى أمر واقعى ، اكتفاء بالظن مثلا ، من قبيل السيرة على الرجوع الى اللغوى عند الشك فى معنى الكلمة واعتماد قوله ، وان لم يفد سوى الظن. أو السيرة على رجوع كل مأمور فى التعرف على أمر مولاه الى خبر الثقة ، وغير ذلك من