كان احتمال وجود علة غير منظورة أضعف ، كانت الدلالة الاحتمالية لكل اقتران على العلية أقوى ، وبالتالى يكون اليقين بالعلية أسرع وأرسخ ، وليس ذلك إلا لأن اليقين فى المتواترات والتجريبيات ناتج عن تراكم القراءن الاحتمالية وتجمع قيمها الاحتمالية المتعددة فى مصب واحد ، وليس مشتقا من قضية عقلية اولية ، كتلك الكبرى التى يفترضها المنطق.
والضابط فى التواتر الكثرة العددية ، ولكن لا يوجد تحديد دقيق لدرجة هذه الكثرة التى يحصل بسببها اليقين بالقضية المتواترة ، لأن ذلك يتأثر بعوامل موضوعية مختلفة وعوامل ذاتية أيضا.
أما العوامل الموضوعية :
فمنها : نوعية الشهود من حيث الوثاقة والنباهة.
ومنها : تباعد مسالكهم وتباين ظروفهم ، إذ بقدر ما يشتد التباعد والتباين ، يصبح احتمال اشتراكهم جميعا فى كون هذا الاخبار الخاص ذا ملحة شخصية داعية اليه بالنسبة الى جميع اولئك المخبرين على ما بينهم من اختلاف فى الظروف ، ابعد بحسبا الاحتمال.
ومنها : نوعية القضية المتواترة ، وكونها مألوفة أو غريبة ، لأن غرابتها فى نفسها تشكل عاملا عكسيا.
ومنها : درجة الاطلاع على الظروف الخاصة لكل شاهد بالقدر الذى يبعد أو يقرب بحساب الاحتمال افتراض مصلحة شخصية فى الاخبار.