الثالث : أن لا توجد قرائن عكسية تدل على انه فى عصر الرواة والمتشرعة المعاصرين للائمة عليهم السلام لا يوجد ذلك الارتكاز والرؤية الواضحة اللذين يراد اكتشافهما عن طريق اجماع الفهقاء المتقدمين ، والوجه فى هذا الشرط واضح بعد أن عرفنا كيفية تسلسل الاكتشاف ودور الوسيط المشار اليه فيه.
الرابع : أن تكون المسألة من المسائل التى لا مجال لتلقى حكمها عادة إلا من قبل الشارع ، وأما اذا كان بالامكان تلقيه من قاعدة عقلية مثلا ، أو كانت مسألة تفريعية قد يستفاد حكمها من عموم دليل أو اطلاق ، فلا يتم الاكتشاف المذكور.
لما كان كشف الاجماع قائما على أساس تجمع انظار أهل الفتوى على قضية واحدة ، اختص بالمقدار المتفق عليه ، ففيما اذا اختلفت الفتاوى بالعموم والخصوص ، لا يتم الاجماع إلا بالنسبة لمورد الخاص. ويعتبر كشف الاجماع عن اصل الحكم بنحو القضية المهملة أقوى دائما من كشف عن الاطلاقات التفصيلية للحكم ، وذلك لأنا عرفنا سابقا ان كشف الاجماع يعتمد على ما يشير اليه من الارتكاز فى طبقة الرواة ومن اليهم ، وحينما نلاحظ الارتكاز المكتشف بالاجماع نجد ان احتمال وقوع الخطأ فى تشخيص حدوده وامتداداته من قبل المجمعين أقوى نسبيا من احتمال خطأهم فى أصل أدراك ذلك الارتكاز ، فان الارتكاز بحكم كونه قضية معنوية غير منصبة فى الفاظ محدودة قد يكتنف الغموض بعض امتداداته واطلاقاته.