والشارع ليس من هذا القبيل ، فان اعتماده على القرائن المنفصلة يعتبر حالة متعارفة ، ولا توجد حالات مشابهة فى العرف لحالة الشارع ليلاحظ مقوف العقلاء منها.
وهذا الاعتراض انما قد يتجه اذا كان دليل الامضاء متطابقا فى الموضوع مع السيرة العقلائية ، فكما ان السيرة العقلائية موضوعها المتكلم الاعتيادى الذى يندر اعتماده على القرائن المنفصلة ، كذلك دليل الامضاء ، ولكن دليل الامضاء أوسع من ذلك ، لان السيرة العقلائية وان كانت مختصة بالمتكلم الاعتيادى ، إلا انها تقتضى الجرى على طبقها فى كلمات الشارع أيضا ، إما للعادة ، أو لعدم الاطلاع الى فترة من الزمن على خروج الشاعر فى اعتماده على القرائن المنفصلة عن الحالة الاعتيادية ، وهذا يشكل خطرا على الاغراض الشرعية يحتم الردع لو لم يكن الشارع موافقا على الأخذ بظواهر كلامه. ومن هنا يكشف عدم الردع عن اقرار الشارع لحجية الظهور فى الكلام الصادر منه.
ظهور الكلام فى المعنى الحقيقى قسمان كما تقدم تصورى ، وتصصديقى. والظهور التصورى كثيرا ما لا ينثلم حتى فى حالة قيام القرينة المتصلة على الخلاف ، فاذا قال المولى : ( اذهب الى البحر ، وخذ العلم منه ) كانت الجملة قرينة على ان المراد بالبحر معنىة خر غير معناه الحقيقى ، وعلى الرغم من وجود القرينة فان الظهور التصورى لكلمة البحر فى معناها الحقيقى لا يزول ، وانما يزول الظهور التصديقى فى ارادة