توجد عدة اقوال تتجه الى التفصيل فى حجية الظهور وقد اشرنا الى احدها فى الحلقة السابقة (١) ونذكر فيما يلى اثنين من تلك الاقوال :
القول الاول : التفصيل بين المقصود بالافهام وغيره. فالمقصود بالافهام يعتبر الظهور حجية بالنسبة اليه ، لأن احتمال القرينة المتصلة على الخلاف بالنسبة اليه لا موجب له مع عدم احساسه بهاإلا احتمال غفلته عنها ، فينفى ذلك باصصالة عدم الغفلة باعتبارها اصلا عقلائيا. وأما غيره فاحتماله للقرينة لا ينحصر منشؤه بذلك ، بل له منشأ آخر ، وهو احتمال اعتماد المتكلم على قرينة ثم التواطؤ عليها بصورة خاصة بينه وبين المقصود بالافهام خاصة ، وهذا الاحتمال لا تجدى اصالة عدم الغفلة لنفيه ، فلا يكون الظهور حجة فى حقه.
وقد اعترض على ذلك جملة من المحققين بأن اصالة عدم القرينة أصل عقلائى برأسه ، يجرى لنفى احتمال القرينة فى الحالة المذكورة ، وليس مردها الى اصالة عدم الغفلة ، ليتعذر اجراؤها فى حق غير المقصود بالافهام الذى يحتمل تواطؤ المتكلم مع من يقصد افهامه على القرينة.
والتحقيق ان هذا المقدار من البيان لا يكفى ، لأن الاصل العقلائى لابد ان يستند الى حيثية كشف نوعية ، لئلا يكون اصلا تعبديا على خلاف المرتكزات العقلائية ، وهى متوفرة لنفى احتمال القرينة المتصلة الناشىء من احتمال غفلة السامع عنها. فاذا اريد نفى احتمال القرينة
ـــــــــــــــ
(١) راجع : ج ١ ص ٣٠٣.