لا ثالث لهما ، وإلا دخلت المسألة فى باب التعارض. ويمكننا ان نستنتج من ذلك ان ثبوت التزاحم ، وانتفاء التعارض مرهون بامكان الترتب الذى يعنى كون كل من الأمرين مشروطا بعدم الاشتغال بمتعلق الاخر. فكلما أمكن ذلك ، صح التزاحم ، وكلما امتنع الترتب ، كما فى الحالتين المشار اليهما ، وقع التعارض.
قد تكون المزاحمة قائمة بين متعلقى أمرين على نحو يدور الأمر بين امتثال هذا أو ذاك ، كماإذا كان وقت الصلاة ضيقا ، وابتلى المكلف بنجاسة فى المسجد تفوت مع إزالتها الصلاة رأسا. وقد لا تكون هناك مزاحمة على هذا النحو ، وانما تكون بين أحد الواجبين وحصة معينة من حصص الواجب الاخر. ومثاله : أن يكون وقت الصلاة موسعا ، وتكون الازالة مزاحمة للصلاة فى أول الوقت ، وبامكان المكلف أن يزيل ثم يصلى.
ونحن كنا نتكلم عن الحالة الاولى من المزاحمة. وأما الحالة الثانية ، فقد يقال : انه لا مزاحمة بين الأمرين ، لامكان امتثالهما معا ، فان الأمر بالصلاة متعلق بالجمع بين الحصة المزاحمة وغيرها ، والكلف قادر على إيجاد الجامع مع الازالة ، فلا تضاد بين الواجبين ، وهذا يعنى ان كلا من الأمرين يلائم الاخر. فاذا ترك المكلف الازالة وصلى ، كان قد أتى بفرد من الواجب المأمور به فعلا.
وقد يقال : ان المزاحمة واقعة بين الأمر بالازالة واطلاق الأمر بالصلاة للحصة المزاحمة ، فلا يمكن أن يتلائم الأمر بالازالة مع هذا