واتصاف الفعل بكونه ذا مصلحة أمر تكوينى أيضا ، فكيف يعقل أن يكون الأمر المتأخر ، كغسل المستحاضة فى ليلة الأحد مؤثرا فى ترتب المصلحة على الصوم فى نهار السبت السابق إذا أخذ قيدا للواجب؟ وكيف يعقل أن يكون الأمر المتأخر ، كالغسل المذكور ، مؤثرا فى اتصاف الصوم فى يوم السبت بكونه ذا مصلحة اذا أخذ قيدا للوجوب؟
ومن هنا قد يقال : باستحالة الشرط المتأخر ، ويلتزم بتأويل الموارد التى توهم ذلك بتحويل الشرطية من أمر متأخر الى أمر مقارن ، فيقال مثلا : إن الشرط فى نفوذ عقد الفضولى على الكشف ، ليس هو الاجازة ذ المتأخرة ، بل كون العقد ملحوقا بالاجازة. والشرط فى صوم المستحاضة يوم السبت ، كونه ملحوقا بالغسل ، وهذه صفة فعلية قائمة بالأمر المتقدم.
وثمرة البحث فى الشرط المتأخر إمكانا وإمتناعا ، تظهر من ناحية فى امكان الواجب المعلق وامتناعه ، فقد تقدم فى الحلقة السابقة (١) ان إمكان الواجب المعلق يرتبط بامكان الشرط المتأخر. وتظهر من ناحية اخرى فيما اذا دل الدليل على شرطية شىء ، كرضا المالك الذى دل الدليل على شرطيته فى نفوذ البيع ، وتردد الأمر بين كونه شرطا متقدما ، أو متأخرا ، فان على القول بامتناع الشرط المتأخر ، يتعين الالتزام بكونه شرطا مقارنا ، فيقال : فى المثال بصحة عقد الفضولى على نحو النقل ، لأن الحمل على الشرط المتأخرإن كان بالمعنى الحقيقى للشرط المتأخر ، فهو غير معقول ، وان كان بالتأويل ، فهو خلاف ظاهر الدليل ، لأن ظاهره شرطية نفس الرضا ، لا كون العقد ملحوقا به. وأما على الثانى فلابد من اتباع ما يتقضيه ظاهر الأدلة أى شىء كان.
ـــــــــــــــ
(١) راجع : ج ١ ص ٣٣٠.