البراءتين معا ، بناء على بعض صيغ الركن الرابع لتنجيز العلم الاجمالى ، وهى صيغة الميرزا القائلة : بان تعارض الاصول مرهون باداء جريانها الى الترخيص عمليا فى المخالفة القطعية ، فان جريان الاصول فى المقام لا يؤدى الى ذلك ، لان المكلف لا يمكنه المخالفة القطعية للعلم الاجمالى المذكور ، إذ فى حالة الاتيان بالشىء المردد بين الجزء والمانع يحتمل الموافقة ، وفى حالة تركه يحتملها أيضا ، فلا يلزم من جريان الاصلين معا ترخيص فى المخالفة القطعية.
فان قيل : ألا تحصل المخالفة القطعية لو ترك المركب رأسا؟
قلنا : نعم تحصل ، ولكن هذا مما لاإذن فيه من قبل الاصلين حتى لو جريا معا.
ولكن يمكن أن يقال على ضوء صيغة الميرزا : ان المخالفة القطعية للعلم الاجمالى المذكور ممكنة أيضا فيماإذا كان الشىء المردد بين الجزء والمانع متقوما بقصد القربة على تقدير الجزئية ، فان المخالفة القطعية حينئذ تحصل بالاتيان به بدون قصد القربة ، ويكون جريان الاصلين معا مؤديا الى الاذن فى ذلك ، فيتعارض الاصلان ويتساقطان.
كما قد يعلم اجمالا بواجب مردد بين التسعة والعشرة كذلك قد يعلم بحرمة شىء مردد بين الاقل والاكثر ، كماإذا علم بحرمة تصوير رأس الحيوان أو تصوير كامل حجمه ، ويختلف الدوران المذكور فى باب الحرام عنه فى باب الواجب من بعض الجهات :
فأولا : وجوب الاكثر هناك كان هو الاشد مؤونة ، وأما حرمة