الاستصحاب أصل أو أمارة؟
قد عرفنا سابقا الضابط الحقيقى للتميز بين الحكم الظاهرى فى باب الامارات والحكم الظاهرى فى باب الاصول ، وهو : انه كلما كان الملحوظ فيه أهمية المحتمل كان اصلا ، وكلما كان الملحوظ قوة الاحتمال وكاشفيته محضا كان الموردإمارة.
وعلى هذا الضوءإذا درسنا الكبرى المجعولة فى دليل الاستصحاب واجهنا صعوبة فى تعيين هويتها ودخولها تحت أحد القسمين ، وذلك لان إدخالها فى نطاق الامارات يعنى افتراض كاشفية الحالة السابقة وقوة احتمال البقاء ، مع ان هذه الكاشفية لا واقع لها كما عرفنا فى الحلقة السابقة (١) ولهذا أنكرنا حصول الظن بسبب الحالة السابقة. وادخالها فى نطاق الاصول يعنى ان تفوق الاحكام المحتملة البقاء على الاحكام المحتملة الحدوث فى الأهمية أوجب إلزام الشارع برعاية الحالة السابقة ، مع ان الاحكام المحتملة البقاء ليست متعينة الهوية والنوعية ، فهى تارة وجوب ، واخرى حرمة ، وثالثة اباحة ، وكذلك الأمر فيما يحتمل حدوثه ،
ــــــــــــــــ
(١) راجع : ج ١ ص ٤١٨.