تمهيد
التعارض المصطلح هو التنافى بين مدلولى الدليلين ، ولما كان مدلول الدليل هو الجعل فالتنافى المحقق للتعارض هو التنافى بين الجعلين دون التنافى بين المجعولين أو الامتثالين ، لخروج مرتبة المجعول ومرتبة الامتثال عن مفاد الدليل كما تقدم فى الحلقة السابقة (١).
ولا يقع التعارض المصطلح إلا بين الأدلة المحرزة ، لأن الدليل المحرز هو الذى له مدلول وجعل يكشف عنه ، وأما الأدلة العملية المسماة بالاصول العملية فلا يقع فيها التعارض المذكور ، إذ ليس للاصل العملى مدلول يكشفه ، وجعل يحكى عنه ، بل الاصل بنفسه حكم شرعى ظاهرى. وحينما نقول فى كثير من الاحيان : ان الاصلين العمليين متعارضان ، لا نقصد التعارض المصطلح بمعنى التنافى بينهما فى المدلول بل التعارض فى النتيجة ، لأن كل اصل له نتيجة معلولة له ، من حيث التنجيز والتعذير ، فاذا كانت النتيجتان متنافيتين كان لاصلان متعارضين ، وكلما كانا كذلك وقع التعارض المصلح بين دليليهما
ــــــــــــــــ
(١) راجع : ج ١ ص ٤٥٤.