لموضوع ذلك الدليل. أما فى الأول فواضح. وأما فى الثانى فلأن التنافى انما هو بين المجعولين والفعليتين لا بين الجعلين ، فالدليلان ( الوارد والمورود ) كلاهما حجة فى اثبات مفادهما وتكون الفعلية دائما لمفاد الدليل الوارد ، لانه ناف لموضوع المجعول فى الدليل الاخر.
وعلى هذا صح القول بأن الدليلين إذا كان أحدهما قد أخذ فى موضوعه عدم فعلية مفاد الدليل الاخر فلا تعارض بينهما ، إذ لا تنافى بين الجعلين ويكون أحدهما واردا على الاخر فى مرحلة المجعول والفعلية.
ثم ان ورود أحد الدليلين على الاخر يتم كما عرفت برفعه لموضوعه ، وهذا الرفع على انحا :
منها : أن يكون رافعا له بفعلية مجعوله ، بأن يكون مفاد الدليل المورود مقيدا بعدم فعلية المجعول فى الدليل الوارد.
ومنها : أن يكون رافعا له بوصول المجعول لا بواقع فعليته ولو لم يصل.
ومنها : أن يكون رافعا له بامتثاله ، فما لم يمتثل لا يرتفع الموضوع فى الدليل المورود.
ومثال الأول : دليل حرمة إدخال الجنب فى المسجد الذى يرفع بفعلية مجعوله موضوع صحة إجارة الجنب للمكث فى المسجد ، إذ يجعلها إجارة على الحرام ، ودليل صحة الاجارة مقيد بعدم كونها كذلك.
ومثال الثانى : دليل الوظيفة الظاهرية الذى يرفع بوصوله مجعوله عنوان المسكل المأخوذ فى موضوع دليل القرعة.
ومثال الثالث : دليل وجوب الأهم الذى يرفع بامتثاله موضوع دليل وجوب المهم كما تقدم فى مباحث القدرة.
وقد يتفق التوارد من الجانبين ، وبعض أنحاء التوارد كذلك معقول