الحيلولة دون وجود هذا القطع ، لأن القطع المنجز هو القطع بفعلية المجعول لا القطع بمجرد الجعل ، ولا قطع فى المقام بالمجعول ، وان كان القطع بالجعل ثابتا ، غير ان هذا القطع الخاص بالجعل بنفسه يكون نافيا لفعلية المجعول ، نتيجة لتقيد المجعول بعدمه ، وقد سبق فى ابحاث الدليل العقلى فى الحلقة السابقة (١) انه لا مانع من أخذ علم مخصوص بالجعل شرطا فى المجعول ، أو أخذ عدمه قيدا فى المجعول ، ولا يلزم من كل ذلك دور.
وقد ذهب جملة من العلماء الى ان العلم المستند الى الدليل العقلى فقط ليس بحجة. وقيل فى التعقيب على ذلك : إنه ان اريد بهذا تحويله من طريقى الى موضوعى بالطريقة التى ذكرناها ، بأن يكون عدم العلم العقلى بالجعل قد أخذ قيدا فى المجعول ، فهو ممكن ثبوتا ، ولكنه لا دليل على هذا التقييد اثباتا. وان اريد بهذا سلب الحجية عن العلم العقلى بدون التحويل المذكور ، فهو مستحيل ، لأن القطع الطريقى لا يمكن تجريده عن المنجزية والمعذرية ، وسيأتى الكلام عن ذلك فى مباحث الدليل العقلى إن شاء الله تعالى.
وسنقسم البحث فى الأدلة المحرزة وفقا لما تقدم فى الحلقة السابقة الى قسمين :
أحدهما : فى الدلى الشرعى.
ــــــــــــــــ
(١) راجع : ج ١ ص٢٣٣٤.