وعلى الثالث : أنّ الأحكام منوطة بالظاهر دون الواقع ونفس الأمر.
ويمكن دفع ذلك : بأنّ الأحكام وإن كانت منوطة بالظاهر ، ولكن لا بما كان ظاهراً بالفعل ، بل بالظاهر ولو بعد تحقّق الكاشف ، فتحقّق الذكوريّة في نفس الأمر ولو كان مشتبهاً علينا بالفعل يكفي في إثبات الأحكام المعلّقة عليها بعد ظهورها.
فإن قيل : فاللازم الحكم بالحبوة بعد الظهور لا قبله.
قلنا : لا يحكم بها قبله ، بل يبقى مراعى حتّى ينكشف الحال.
فإن قيل : لا دليل على لزوم الإبقاء مراعى ، بل يجب الحكم بها للورثة فيستصحب.
قلنا : الدليل موجود ، وهو أنّ الحبوة حقّ للذّكر الظاهر ذكوريّته بالفعل ، أو بعدتحقّق الكاشف ، فالحكم بها للورثة مشروط بانتفاء ذكر كذلك ، والشرط غير معلوم فكذلك المشروط ، فيجب إبقاؤها مراعى.
ومن هذا يظهر أنّ الترجيح مع القول بعدم الاشتراط إذا كان عند موت أبيه متّصفاً بالذكوريّة. وأمّا إذا لم يكن كذلك كما إذا لم يتمّ للحمل أربعة أشهر ، حيث صرّح في صحيحة زرارة المروية في كتاب العقيقة من الكافي (١) ، ورواية ابن الجهم المرويّة فيه أيضاً (٢) : بأن الذكوريّة والأُنوثيّة تحصل بعد تمام أربعة أشهر ، فالحكم بذلك مشكل ، لعدم صدق الوصف مطلقاً لا في الواقع ولا في الظاهر ، والصدق المتأخر لا يفيد.
هـ : لو كان هناك حملان أو أكثر ، فإن تبيّن انحصار الذكر بالواحد فلا إشكال.
__________________
(١) الكافي ٦ : ١٦ ، ٧.
(٢) الكافي ٦ : ١٣ ، ٣.