ونهب ، وما إلى ذلك ، مما لا تقره شريعة ، ولا يرضى به خلق كريم ..
فإنه لم يكن في كل ما ذكرناه أفضل من أسلافه ، ولا كانت أيامه بدعا من تلك الأيام ، كما سنوضح ذلك في أواخر فصل : آمال المأمون وآلامه ، حيث سيتضح أن حال الرعية في أيامه كان قد تناهى في السوء ، وبلغ الغاية في التدهور.
وبعد كل الذي قدمناه ، لم يعد يخفى على أحد ، كم سفك العباسيون من الدماء البريئة ـ عدا عما سفكوه من دماء بني عمهم العلويين ـ ونزيد هنا : أن إبراهيم الامام أرسل إلى أبي مسلم يأمره : « بقتل كل من شك فيه ، أو وقع في نفسه شيء منه ، وإن استطاع أن لا يدع بخراسان من يتكلم بالعربية إلا قتله فليفعل ، وأي غلام بلغ خمسة أشبار يتهمه فليقتله ، وأن لا يخلي من مضر ديارا » (١).
ولعل سر أمره له بقتل كل عربي يرجع إلى أنه كان يعلم أن ذلك يرضي الخراسانيين ، الذين كانوا مضطهدين على أيدي العرب .. كما أنه كان يعلم أن العرب لن يستجيبوا له استجابة واسعة ضد الامويين ، لأن الدولة الاموية كانت ترضي غرور العربي ، وتؤكد اعتزازه بجنسه ومحتده ..
__________________
(١) الطبري ، طبع ليدن ج ٩ / ص ١٩٧٤ ، وج ١٠ / ٢٥ ، والكامل لابن الأثير ، ج ٤ / ٢٩٥ ، والبداية والنهاية ج ١٠ / ٢٨ ، وص ٦٤ ، والإمامة والسياسة ج ٢ ص ١١٤ ، والنزاع والتخاصم للمقريزي ص ٤٥ ، والعقد الفريد ، طبع دار الكتاب ج ٤ / ٤٧٩ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ٣ / ٢٦٧ ، وضحى الاسلام ج ١ ص ٣٢.