وقد قال أبو مسلم ليونس بن عاصم عند ما قال له : هذا جزائي؟! « ومن جازيناه بجزائه ؛ وضعت سيفي فلم يبق بر ولا فاجر إلا قتلته » (١).
وقال أبو مسلم أيضا : « إني أطفيت من بني أمية جمرة ، وألهبت من بني العباس نيرانا ، فإن أفرح بالاطفاء ، فوا حزنا من الالهاب » (٢).
وقال أبو مسلم أيضا : « إني نسجت ثوبا من الظلم لا يبلى ما دامت الدولة لبني العباس ، فكم من صارخ الخ. » (٣).
كل ذلك يدل دلالة قاطعة على مدى الظلم الذي كان يمارسه العباسيون مع الناس بصورة عامة ، ومع العلويين بشكل خاص .. والمتتبع للأحداث التاريخية يرى أن الامة كانت تعيش في رعب دائم ومستمر ، خصوصا وأن كل أحد كان يرى ويعلم : كيف أن الآلاف من الناس ، كانوا يذبحون لأتفه الأسباب وأحقرها ..
وأعود فأذكر القارئ ببعض ما أوردناه من رسالة الخوارزمي ، التي تعتبر بحق من الوثائق الهامة ، كما اعترف به غير واحد من الباحثين ..
كانت تلك ـ كما قلنا ـ لمحة خاطفة عن حالة العباسيين مع الناس عامة ، ومع العلويين خاصة .. ولعل من الظلم للحقيقة وللتاريخ هنا ،
__________________
(١) النزاع والتخاصم ص ٤٧.
(٢) المحاسن والمساوي للبيهقي ص ٢٩٨ ، طبع صادر وشرح ميمية أبي فراس ص ٢١٤.
(٣) المحاسن والمساوي طبع مصر ج ١ / ٤٨٢ ، والكنى والألقاب ج ١ / ١٥٧ / ١٥٨ نقلا عن ربيع الأبرار للزمخشري.