الأمم : مما يجعلنا لا نجد كثير عناء في الإجابة على سؤال : لماذا عنيت الأمم على اختلافها بالتاريخ ، تدوينا ، ودرسا ، وبحثا. وتمحيصا؟!
فان ذلك لم يكن إلا لأنها تريد أن تستفيد منه ، لتتعرف على واقعها الذي تعيشه ؛ لتستفيد من ذلك لمستقبلها الذي تقدم عليه .. ولتكتشف منه عوامل رقيها ، وانحطاطها ، ولتنطلق من ثم لبناء نفسها على أسس متينة وسليمة ..
فمهمّة التاريخ إذن ـ تاريخ الأمة المدوّن ـ هي : أن يعكس بأمانة ودقة ما تمر به الأمة من أحوال وأوضاع ، وأزمات فكرية ، واقتصادية ، وظروف سياسية : واجتماعية ، وغير ذلك.
ونحن أمة .. لكننا لا نملك تاريخا ـ وأقصد بذلك كتب التاريخ ـ نستطيع أن نستفيد منه الكثير في هذا المضمار ؛ لأن اكثر ما كتب لنا منه تتحكم فيه النظرة الضيقة ، والهوى المذهبي ، والتزلف للحكام.
وأقصد بـ « النظرة الضيقة » : عملية ملاحظة الحدث منفصلا عن جذوره وأسبابه التي تلقي الضوء الكاشف على حقيقته وواقعه ..
نعم .. إننا بمرارة ـ لا نملك تاريخا نستطيع أن نستفيد منه الكثير ؛ لأن المسيرة قد انحرفت ، والأهواء قد لعبت لعبتها (١) وأثرت أثرها المقيت
__________________
(١) ومن أراد أن يعرف المزيد عن ذلك ، فليراجع : النصائح الكافية لمن يتولى معاوية من ص ٧٢ إلى ص ٧٩ ، والغدير ج ٥ ص ٢٠٨ إلى ص ٣٧٨ ، وج ١١ من ص ٧١ ، إلى ص ١٠٣ ، وج ٩ من ص ٢١٨ إلى آخر المجلد ، وغير ذلك من مجلدات هذا الكتاب وصفحاته والاحتجاج للطبرسي ، وخمسون ومائة صحابي مختلق للعسكري ، وغير ذلك كثير ..