في السوء والتدهور الغاية ، وأوفت على النهاية .. حتى ليقال : إن الثورات العلوية ، التي قامت فيما بين عهد السفاح ، وأوائل عهد المأمون ، وبالتحديد إلى حوالي سنة ٢٠٠ ه أي فيما يقل عن سبعين عاما ، قد قاربت الثلاثين ثورة ، هذا بغض النظر عن الثورات الاخرى التي كانت تدعو لهم ، وإلى موالاتهم ..
وستأتي الاشارة إلى بعض الثورات العلوية التي قامت ضد المأمون بالخصوص ، وإلى أنه حتى قائده العظيم ، طاهر بن الحسين ، ـ بل وجميع آل طاهر (١) ـ وكذلك وزيره الفضل بن سهل ، وهرثمة بن أعين ، وغيرهم ، وغيرهم ، كانوا يتهمون بالتشيع للعلويين ..
ولسوف يتضح أن الوضع في عهده قد أصبح إلى حد كبير شبيها بالوضع الذي كان سائدا في أواخر عهد الامويين ، بفارق واحد بسيط ، لو استمر الحال لتسارع لذلك الفارق الضعف والوهن ، وهو : أنه لا يزال كثير من الناس المخدوعين بدعايات العباسيين يعتبرون تلك المنازعات طبيعية بين من يستحقون الخلافة!!!.
لماذا لم تكن ثورات العلويين ، أو الثورات الداعية لهم ، تصادف النجاح ، مع أنها كانت تحظى بالتأييد الواسع ، في مختلف فئات الشعب ، وطبقاته؟! ..
وجوابنا عن هذا السؤال هو : أن الذي يراجع التاريخ يرى ـ بما لا مجال معه للشك ـ : أن تلك الثورات لم يكن يسبقها التخطيط ،
__________________
(١) راجع : الكامل لابن الأثير ، حوادث سنة ٢٥٠ ه.