وكذلك نرى هيبة الإمام (ع) ، وقوة شخصيته ، في موقفه مع الفضل ابن سهل ـ أعظم رجل في البلاط العباسي ـ وذلك عند ما طلب منه الفضل كتاب الضمان ، والأمان ؛ حيث أوقفه ساعة ، ثم رفع رأسه إليه ، وسأله عن حاجته ؛ فقال : « يا سيدي .. إلى أن قال الراوي : ثم أمره بقراءة الكتاب ـ وكان كتابا في أكبر جلد ـ فلم يزل قائما حتى قرأه!! الخ .. » (١).
ثم رأينا المأمون عند ما قتل الفضل بن سهل ذا الرئاستين ، وشغب عليه القواد والجند ، ومن كان من رجال ذي الرئاستين. وقد جاءوا بالنيران ليحرقوا الباب عليه ، ليصلوا إليه ـ قد رأينا ـ كيف هرع إلى الإمام ، يطلب منه أن يتدخل لانقاذه ؛ فخرج (ع) إليهم ، وأمرهم بالتفرق ؛ فتفرقوا .. يقول ياسر الخادم : « فأقبل الناس والله ، يقع بعضهم على بعض ، وما أشار لأحد إلا ركض ، ومر ، ولم يقف .. » (٢). ونجا المأمون بذلك بجلده ، واحتفظ بحياته ..
وفي كتاب العهد الذي كتبه المأمون بخط يده ـ كما صرح به كل من تعرض له ـ فقرات تدل على سجايا الإمام ، وعلى مركزه ، وشخصيته ، يقول المأمون عنه : « .. لما رأى من فضله البارع ، وعلمه
__________________
(١) أعيان الشيعة ج ٤ قسم ٢ ص ١٣٩ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٦٢ ، ١٦٣ والبحار ج ٤٩ ص ١٦٨ ، ومسند الامام الرضا ج ١ ص ٨٨.
(٢) المناقب ج ٤ ص ٣٤٧ ، وروضة الواعظين ج ١ ص ٢٧٣ ، وكشف الغمة ج ٣ ص ٧٠ ، والكافي ج ١ ص ٤٩٠ ، ٤٩١ ، وأعلام الورى ص ٣٢٤ ، وأعيان الشيعة ج ٤ قسم ٢ ص ١١٠ ، ١٤٠ ، طبعة ثالثة ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٦٤ ، وارشاد المفيد ص ٣١٤ ، والبحار ج ٤٩ ص ١٦٩ ، ومعادن الحكمة ص ١٨٣ ، وشرح ميمية أبي فراس ص ١٩٨ ، ١٩٩.