وعلى كل حال .. فان كل من تعرض من المؤرخين وغيرهم ، لشرح حال المأمون ، قد شهد له بالتقدم ، وبأنه رجل خلفاء بني العباس وواحدهم ..
وما يهمنا هنا ، هو مجرد الاشارة إلى حال المأمون ، وما كان عليه من الدهاء والسياسة ، وحسن التدبير .. ولسنا هنا في صدد تحقيق أحواله ، والاحاطة بكافة شئونه ؛ فان ذلك لا يناسب الغرض الذي وضع من أجله هذا الكتاب.
وسيمر معنا في الفصول الآتية المزيد من الكلام عن المأمون وظروفه ، مما له نحو ارتباط بالموضوع الذي نحن بصدد تحقيقه من قريب ، أو من بعيد ، إن شاء الله تعالى ..
__________________
ذلك على ما في البداية والنهاية ج ١٠ ص ١٤٨ ، ١٤٩ ـ يقول في ذلك ـ :
فدع عنك يعقوب بن داود جانبا |
|
واقبل على صهباء طيبة النشر |
وأخيرا .. فاننا لا نعرف أحدا يقول بأن المهدي العباسي ، هو المهدي الموعود ، إلا سلم الخاسر ؛ فقد نقل ذلك عنه ابن المعتز في طبقات الشعراء ص ١٠٤ ، ويدل على ذلك قول الخاسر في قصيدة له يمدح بها المهدي العباسي على ما في الأغاني ج ٢١ ص ١٨٧ ، طبع دار الفكر :
له شيم عند بذل العطاء |
|
لا يعرف الناس مقدارها |
و « مهدي امتنا » والذي |
|
حماها وأدرك أوتارها |
والسيد الحميري أيضا ممن كان قد ظن أنه المهدي حقا لكن فعاله قد بينت : أنه ليس هو ، ولذلك يقول السيد حسبما يروي المرزباني في أخبار السيد الحميري ( المستدرك ) ص ٥٨ :
ظننا أنه « المهدي » حقا |
|
ولا تقع الامور كما ظننا |
ولا والله ، ما المهدي إلا |
|
إماما فضله أعلى وأسنى |
ولا بأس بالاشارة هنا إلى ما ذكروه ، من أن سبب تسميته بالخاسر : أنه كان عنده مصحف ؛ فباعه ، واشترى بثمنه طنبورا ، فبقيت من ثمنه بقية ، فاشترى بها خمرا!! .. فبورك من مهدي أتباعه أمثال هذا!! وبوركت امة تعترف بمهدي له تلكم الصفات!!.