آمال المأمون وآلامه
لا يشك المؤرخون بأن المأمون كان أجدر من الأمين ، وأحق بالخلافة (١) .. بل لقد مر اعتراف الرشيد نفسه بذلك ، لكنه اعتذر عن إسناده الأمر للأمين : بأن العباسيين ، لا يرضون بالمأمون خليفة ، وحاكما ؛ رغم سنه وفضله وكياسته ، وأنهم يرجحون أخاه الأمين عليه ؛ قال الرشيد ، حسبما تقدم : « وبنو هاشم مائلون إلى محمد بأهوائهم ، وفيه ما فيه .. إلى أن قال : فان ملت إلى ابني عبد الله ، أسخطت بني هاشم ، وإن أفردت محمدا بالأمر ، لم آمن تخليطه على الرعية الخ!! »
ومر أيضا قول الرشيد : « .. ولو لا أم جعفر ، وميل بني هاشم إليه ( أي إلى الأمين ) لقدمت عبد الله عليه .. ».
كما أن المأمون نفسه يقول في رسالته للعباسيين ، المذكورة في أواخر هذا الكتاب : « .. وأما ما ذكرتم ، مما مسكم من الجفاء في ولايتي ؛ فلعمري ما كان ذلك إلا منكم : بمظافرتكم عليه ، ومما يلتكم إياه
__________________
(١) ليس المراد هنا : الجدارة الحقيقية ، التي قررها الله ، وبينها محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنما المراد الجدارة التي يفهمها هؤلاء ، واعتاضوا بها عن حكم الله ، وسنة نبيه ..