ومن هنا .. وبدافع من الشعور بالمسؤولية ، رأيت أن أقوم بدراسة لهذا الحدث بالذات ، للتعرف على حقيقة دوافعه وأسبابه ، وواقع ظروفه وملابساته ..
وكانت نتيجة تلك الدراسة ، التي استمرت ثلاث سنوات ما بين مد وجزر هي : هذا الكتاب الذي بين يديك ..
ولا أدعي : أن كل ما في هذا الكتاب من آراء واستنتاجات ، لا تعدو الحقيقة ، ولا تشذ عن الصواب.
ولا أدعي أيضا : أنني استطعت أن أضع يدي على كل خيوط القضية ، وأن أنفذ إلى جميع جذورها العميقة والرئيسة ؛ فان ذلك ليس من الأمور السهلة بالنسبة لأي حدث تاريخي مضى عليه العشرات والمئات من السنين ؛ فكيف إذا كان إلى جانب ذلك مما قد أريد له ـ كما قلنا ـ أن تبقى دوافعه وأسبابه طي السرية والكتمان ، وظروفه وملابساته رهن الابهام والغموض ..
لا .. لا أدعي هذا ، ولا ذاك .. وإنما أقول :
إن هذا الكتاب قادر ـ ولا شك ـ على أن يرسم علامة استفهام كبيرة حول « طبيعية » هذا الحدث ، وحول المأمون ، ونواياه ، وتصرفاته المشبوهة ..
وانه ـ على الأقل يمكن أن يعتبر خطوة على طريق الكشف الكامل عن جميع الحقائق ، والتعرف على كافة العوامل والظروف ، التي اكتنفت هذا الحدث التاريخي الهام ...