وعلى مقتضى ذلك الحل .. ولنلق أولا نظرة سريعة على مواقف كل من هؤلاء من المأمون ، ولنخلص من ثم إلى معرفة الفئة التي يستطيع المأمون أن يعتمد عليها في مواجهة الأخطار والتحديات ، التي تنتظره ، وتنتظر نظام حكمه ، بصورة عامة .. فنقول :
أما العلويون .. فإنهم ـ بالطبع ـ لن يرضوا بالمأمون ـ كما لن يرضوا بغيره من العباسيين ، خليفة وحاكما لأن من بينهم من هو أجدر من كل العباسيين ، وأحق بهذا الأمر ، ولأن المأمون ، وغيره ، كانوا من تلك السلالة ، التي لا يمكن أن تصفو لها قلوب آل علي ؛ لأنها قد فعلت بهم أكثر من فعل بني أمية معهم ، كما تقدم .. فقد سفكت دماءهم ، وسلبتهم أموالهم ، وشردتهم عن ديارهم ، وأذاقتهم شتى صنوف العذاب والاضطهاد .. ويكفي المأمون عندهم : أنه ابن الرشيد ، الذي حصد شجرة النبوة ، واجتث غرس الإمامة ، والذي قد عرفت طرفا من سيرته السيئة معهم فيما تقدم من الفصول ..
وأما العرب : فإنهم لا يرضون بالمأمون خليفة وحاكما أيضا ، كما أشار إليه الفضل بن سهل فيما تقدم ..
أما أولا : فلأن أمه ، ومؤدبه ، والقائم بأمره ، غير عربيين. ولقد عانى العرب ما الله أعلم به ، من تقديم أسلافه للموالي ، حتى لم يعد لهم معهم أي شأن يذكر ، وأصبح العربي أذل من نعجة ، وأحقر من الحيوان ..
قال المسعودي : « .. وكان ( أي المنصور ) أول خليفة استعمل