المرآة الصافية ، التي تنعكس عليها تعاليم الإسلام وأهدافه ، ويمثلون الصورة الحقيقية للاسلام على مدى التاريخ ، وكان صدى علمهم ، وزهدهم ، واستقامتهم يطبق الخافقين ، وخصوصا الصادق والرضا ، الذي اهتبل والفرصة إبان الخلاف بين الأمين والمأمون لنشر تعاليم الإسلام ، وتعريف الناس على الحقائق ، التي شاء الآخرون أن لا يعرفها أحد.
لكن لم يكن يروق للقوى الحاكمة ، أن تظهر تلك الوجوه الطاهرة على الصعيد العام ، وتتعرف عليها الامة الإسلامية ، وعلى فضائلها ، وكمالاتها ؛ لأن الناس حينئذ سوف يدركون الواقع المزري لأولئك الحكام ، والمتزلفين لهم. والذين كانوا يتحكمون بمقدرات الامة ، وامكاناتها ؛ وإذا أدركوا ذلك فان من الطبيعي أن لا يترددوا في تأييد الأئمة ، ومساعدة أية نهضة ، أو ثورة من قبلهم ؛ ولهذا فقد جهد الحكام في أن يزووهم ويبعدوهم ما أمكنهم عن الناس ، ووضعوهم تحت الرقابة الشديدة ، وفي أحيان كثيرة في غياهب السجون .. حتى إذا ما سنحت لهم فرصة ، تخلصوا منهم بالطريقة التي كانوا يرون أنها لا تثير الكثير من الشكوك والظنون ..
وعلى كل حال .. فان ما يهمنا هنا هو مجرد الاشارة إلى تشيّع الايرانيين ، الذي حاول المأمون أن يستغله لمصالحه وأهدافه .. حيث قد أثمرت وعود المأمون للخراسانيين ، وتحببه لهم ، وتقربه منهم ، وتظاهره بالحب لعلي (ع) وذريته ، الثمار المرجوة منها ؛ لأن الخراسانيين كانوا يريدون التخلص من أولئك الحكام الذين انقلبوا عليهم يقتلون ، ويضطهدون كل من عرفوه مواليا لأهل البيت محبا لهم ، ابتداء من المنصور ، بل السفاح ، وانتهاء بالرشيد ، الذي لم يستطع يحيى بن خالد البرمكي أن