فارسية ، وخصوصا إذا لاحظنا : أن الفرس هم الذين أوصلوا المأمون إلى الحكم .. وقد اثبتوا جدارتهم ، وأهليتهم في مختلف المجالات ، وخصوصا السياسة ، وشئون الحكم.
وإن قتل الأمين ، وإن كان يمثل ـ في ظاهره ـ انتصارا عسكريا للمأمون إلا أنه كان في الحقيقة ذا نتائج سلبية وعكسية بالنسبة للمأمون ، وأهدافه ، ومخططاته .. سيما بملاحظة الأساليب التي اتبعها المأمون للتشفي من أخيه الأمين ، الذي كان قد أصدر الأمر لطاهر بالأمس بأن يقتله (١) .. حيث رأيناه قد أعطى الذي جاءه برأس أخيه ـ بعد أن سجد لله شكرا!! ـ ألف ألف « أي مليون » درهم (٢) .. ثم أمر بنصب رأس أخيه على خشبة في صحن الدار ، وأمر كل من قبض رزقه أن يلعنه ؛ فكان الرجل يقبض ، ويلعن الرأس ، ولم ينزله حتى جاء رجل فلعن الرأس ، ولعن والديه ، وما ولدا ، وأدخلهم في « كذا وكذا » من أمهاتهم. وذلك بحيث يسمعه المأمون ؛ فتبسم ، وتغافل ؛ وأمر بحط الرأس (٣)!!.
ويا ليته اكتفى بكل ذلك .. بل إنه بعد أن طيف برأس الأمين بخراسان (٤)
__________________
(١) لقد نص بعض المؤلفين في كتابه الفارسي « يادبود هشتمين إمام » ص ٢٩ على أن المأمون : « لم يرض بقتل الأمين فحسب ، بل أنه هو الذي أمر بقتله .. ».
(٢) فوات الوفيات ج ٢ ص ٢٦٩ ، والطبري ، طبع دار القاموس الحديث ج ١٠ ص ٢٠٢ ، والبداية والنهاية ج ١٠ ص ٢٤٣ ، وحياة الحيوان ج ١ ص ٧٢ ، وتجارب الامم ج ٦ ص ٤١٦ المطبوع مع العيون والحدائق.
(٣) مروج الذهب ج ٣ ص ٤١٤ ، وتتمة المنتهى ص ١٨٦ والموفقيات ص ١٤٠.
(٤) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٢٩٨.