تأييد العباسيين .. » (١). انفضوا عنه ليمنحوا العلويين عطفهم ومحبتهم ، وتأييدهم ؛ لأنهم يعرفون أنهم هم الذين يقيمون العدل ، ويعملون بشريعة الله ـ وما موقف نيسابور ، وصلاتي العيد ، إلا الدليل الواضح والقاطع على تلك العاطفة ، وذلك الحب والتقدير. وأيضا انفضوا عنه لأنه قد كشف لهم عن وجهه الحقيقي ، وعرفهم بواقعه الأناني البشع ، وخصوصا بعد أن عانوا ما عانوا هم وغيرهم من صنوف الظلم والجور والاضطهاد ، في ظل نظام الحكم الذي طالما عملوا من أجله ، وضحوا في سبيله ..
وحتى لو أنهم كانوا لا يزالون على تأييدهم له ، فإنه لا يستطيع بعد هذا أن يعتمد على ذلك التأييد ، وعلى ثقتهم به طويلا ؛ فإنه كان من السهل ـ بعد أن فعل بأخيه وأشياعه ، وغيرهم ، ما فعل ـ أن يكتشفوا أن ذلك منه ما كان إلا سياسة ودهاء .. كما أنه أصبح من الصعب عليهم ـ بعد تجربتهم الاولى معه ، ومع وعوده ، التي ما أسرع ما نسيها ـ أن يقتنعوا منه بالأقوال التي لا تدعمها الأفعال ، ولسوف لا يطمئنون إليه ، ولن ينقادوا له ـ بعد هذا ـ بالسهولة التي كان يتوقعها ..
كانت تلك لمحة خاطفة عن موقف العباسيين ، والعرب تجاه المأمون. ذلك الموقف ، الذي كان يزداد حساسية وتعقيدا ، يوما عن يوم. أضف إلى ذلك أيضا الخطر الذي كان يكمن في موقف الخراسانيين ، الذين رفعوا المأمون على العرش ، وسلموا إليه أزمة الحكم والسلطان ..
وإذا ما أضفنا إلى ذلك كله ، موقف العلويين ، الذين اغتنموا فرصة
__________________
(١) امبراطورية العرب ص ٦٤٩.