الظروف ، والانسجام معها ، فلا مانع عنده ، من أن يقرب العلويين إليه ، ويتظاهر باكرامهم ، وتقديرهم .. في يوم .. ثم منعهم من الدخول عليه ، واضطهادهم ، وقتلهم بالسم تارة ، وبالسيف أخرى في يوم آخر .. وهكذا ..
ولكن ذلك وحده لم يكن كافيا لإخماد ثورات العلويين ، ولا لتحقيق كافة الأهداف ، التي قدمنا ، وسيأتي شطر منها ..
فكانت خطوته التالية غريبة ومثيرة في نفس الوقت ، لكنها إذا ما أخذت الظروف آنذاك بنظر الاعتبار يتضح أنها كانت طبيعية للغاية. ألجأته إليها الظروف والأحداث .. وتلك الخطوة هي :
« أخذ البيعة للامام علي الرضا عليهالسلام بولاية العهد بعده .. » وجعله أمير بني هاشم طرا ، عباسيهم ، وطالبيهم (١) ، وليس الخضرة ..
ومن نافلة القول هنا : أن نقول : إن ذلك يدل على فهم المأمون للداء ؛ مما ساعده على معرفة الدواء ، الذي تجرعه المأمون ـ رغم مرارته القاسية ، التي لم تكن لتقاس أبدا بما سوف يعقبها من راحة وطمأنينة وهناء ـ تجرعه ـ بكل رضا ، ورجولة ، وشجاعة ..
إن المأمون ـ على ما أعتقد ـ وإن كان قد ثقل عليه أمر البيعة لرجل غريب ، ومن أسرة هي أقوى وأخطر المنافسين للحكم العباسي في
__________________
(١) غاية الاختصار ص ٦٨.