بينهم رجالات كفاة ، يدركون الأعيب السياسة ، ودهاء ومكر الرجال.
وقد عبر عن دهشتهم هذه نفس الخليفة الذي اختاروه ، واستعاضوا به عن المأمون .. فلقد قال ابن شكلة معاتبا العباسيين :
فلا جزيت بنو
العباس خيرا |
|
على رغمي ولا
اغتبطت بري |
أتوني مهطعين ،
وقد أتاهم |
|
بوار الدهر
بالخبر الجلي |
وقد ذهل الحواضن
عن بنيها |
|
وصد الثدي عن فم
الصبي |
وحل عصائب
الاملاك منها |
|
فشدت في رقاب
بني علي |
فضجت أن تشد على
رءوس |
|
تطالبها بميراث
النبيّ (١) |
ب ـ : ولكن دهشتهم وغضبهم لا قيمة لهما ، في جانب ذهاب الخلافة عنهم بالكلية ، وسفك دمائهم .. وقد أوضح لهم ذلك في رسالة منه إليهم ، حيث قال : « .. وأما ما كنت أردته من البيعة لعلي بن موسى ، بعد استحقاق منه لها في نفسه ، فما كان ذلك مني إلا أن اكون الحاقن لدمائكم ، والذائد عنكم ، باستدامة المودة بيننا وبينهم .. ». والرسالة مذكورة في أواخر هذا الكتاب.
وقريب من ذلك ما جاء في وثيقة العهد ، مخاطبا « أهل بيت أمير المؤمنين » حيث قال لهم : « .. راجين عائدته في ذلك ( أي في البيعة للرضا عليهالسلام ) في جمع الفتكم ، وحقن دمائكم ، ولم شعثكم ، وسد ثغوركم .. »
فليغضبوا إذن قليلا ، فإنهم سوف يفرحون في نهاية الأمر كثيرا ، وذلك عند ما يعرفون الاهداف الحقيقية ، التي كانت تكمن وراء تلك اللعبة ، وأنها لم تكن إلا من أجل الابقاء عليهم ، واستمرار وجودهم
__________________
(١) التنبيه والإشراف ص ٣٠٣. والولاة والقضاة للكندي ص ١٦٨.