فأراد أن يجعله ولي عهده ليكون دعاؤه له. كما سيأتي بيانه في فصل : مع بعض خطط المأمون إن شاء الله تعالى ..
أن يجعل هذه الشخصية تحت المراقبة الدقيقة ، والواعية من قرب ، من الداخل والخارج ، وليمهد الطريق من ثم إلى القضاء عليها بأساليبه الخاصة .. وقد أشرنا فيما سبق ، إلى أننا لا نستبعد أن يكون من جملة ما كان يهدف إليه من وراء تزويجه الإمام بابنته ، هو : أن يجعل عليه رقيبا داخليا موثوقا عنده هو ، ويطمئن إليه الإمام نفسه ..
وإذا ما لا حظنا أيضا ، أن : « المأمون كان يدس الوصائف هدية ليطلعنه على أخبار من شاء (١) .. » ، وأنه كان : « للمأمون على كل واحد صاحب خبر (٢) .. » .. فاننا نعرف السر في إرساله بعض جواريه الى الإمام الرضا (ع) بعنوان : هدية .. وقد أرجعها الإمام (ع) إليه مع عدة أبيات من الشعر ، عند ما رآها اشمأزت من شيبه (٣).
ولم يكتف بذلك ، بل وضع على الإمام (ع) عيونا آخرين ، يخبرونه بكل حركة من حركاته ، وكل تصرف من تصرفاته ..
فقد كان : « هشام بن ابراهيم الراشدي من أخص الناس عند الرضا (ع) ، وكانت امور الرضا تجري من عنده ، وعلى يده. ولكنه لما حمل إلى مرو اتصل هشام بن ابراهيم بذي الرئاستين ، والمأمون ؛
__________________
(١) تاريخ التمدن الاسلامي ج ٥ جلد ٢ ص ٥٤٩ ، نقلا عن : العقد الفريد ج ١ / ١٤٨.
(٢) تاريخ التمدن الاسلامي ج ٤ جلد ٢ ص ٤٤١ ، نقلا عن : المسعودي ج ٢ / ٢٢٥ ، وطبقات الاطباء ج ١ / ١٧١.
(٣) البحار ج ٤٩ / ١٦٤ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ / ١٧٨.