فحظي بذلك عندهما. وكان لا يخفي عليهما شيئا من أخباره ؛ فولاه المأمون حجابة الرضا. وكان لا يصل إلى الرضا إلا من أحب ، وضيق على الرضا ؛ فكان من يقصده من مواليه ، لا يصل إليه. وكان لا يتكلم الرضا في داره بشيء الا أورده هشام على المأمون ، وذي الرئاستين .. » (١)
وعن أبي الصلت : أن الرضا « كان يناظر العلماء ، فيغلبهم ، فكان الناس يقولون : والله ، إنه أولى بالخلافة من المأمون ؛ فكان أهل الأخبار يرفعون ذلك إليه .. » (٢)
وأخيرا .. فإننا نلاحظ : أن جعفر بن محمد بن الاشعث ، يطلب من الإمام (ع) : أن يحرق كتبه إذا قرأها ؛ مخافة أن تقع في يد غيره ، ويقول الإمام (ع) مطمئنا له : « إني إذا قرأت كتبه إلي أحرقتها .. » (٣).
إلي غير ذلك من الدلائل والشواهد الكثيرة ، التي لا نرى أننا بحاجة إلى تتبعها واستقصائها ..
أن يجعل الإمام (ع) قريبا منه ؛ ليتمكن من عزله عن الحياة الاجتماعية ، وابعاده عن الناس ، وابعاد الناس عنه ؛ حتى لا يؤثر عليهم بما يمتلكه من قوة الشخصية ، وبما منحه الله إياه من العلم ،
__________________
(١) البحار ج ٤٩ / ١٣٩ ، ومسند الإمام الرضا ج ١ / ٧٧ ، ٧٨ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ / ١٥٣.
(٢) شرح ميمية أبي فراس ص ٢٠٤ ، والبحار ج ٤٩ / ٢٩٠ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ / ٢٣٩.
(٣) كشف الغمة ج ٣ / ٩٢ ، ومسند الإمام الرضا ج ١ / ١٨٧ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ / ٢١٩.