كما أننا نرى أنه عند ما وصل إلى القادسية ، وهو في طريقه إلى مرو ، يقول لأحمد بن محمد بن أبي نصر : « اكتر لي حجرة لها بابان : باب إلى الخان ، وباب إلى خارج ؛ فانه استر عليك .. » (١).
ولعل ذلك هو السبب في طلبه من الإمام (ع) ، ومن رجاء بن أبي الضحاك : أن يمرا عن طريق البصرة ، فالأهواز إلخ .. كما سيأتي :
ولا نستبعد أيضا أن يكون عزل الإمام عن الناس ، هو أحد أسباب إرجاع الإمام الرضا عن صلاة العيد مرتين (٢) .. وللسبب نفسه أيضا فرق عنه تلامذته ، عند ما أخبر أنه يقوم بمهمة التدريس ، وحتى لا يظهر علم الإمام ، وفضله .. إلى آخر ما هنالك من صفحات تاريخ المأمون السوداء ..
إن المأمون في نفس الوقت الذي يريد فيه أن يتخذ من الامام مجنا يتقي به سخط الناس على بني العباس ، ويحوط نفسه من نقمة الجمهور .. يريد أيضا ؛ أن يستغل عاطفة الناس ومحبتهم لأهل البيت ـ والتي زادت
__________________
(١) بصائر الدرجات ص ٢٤٦ ، ومسند الإمام الرضا ج ١ / ١٥٥.
(٢) هذه القضية معروفة ومشهورة ؛ فراجع : الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ومطالب السئول ، لمحمد بن طلحة الشافعي ، طبعة حجرية ص ٨٥ ، وإثبات الوصية للمسعودي ص ٢٠٥ ، ومعادن الحكمة ص ، ١٨٠ ، ١٨١ ، ونور الأبصار ص ١٤٣ ، وشرح ميمية أبي فراس ص ١٦٥ ، وإعلام الورى ص ٣٢٢ ، ٣٢٣ ، وروضة الواعظين ج ١ / ٢٧١ ، ٢٧٢ ، واصول الكافي ج ١ / ٤٨٩ ، ٤٩٠ ، والبحار ج ٤٩ / ١٣٥ ، ١٣٦ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، وعيون أخبار الرضا ، وارشاد المفيد ، وأعيان الشيعة ، وكشف الغمة ، وغير ذلك ..
ولسوف يأتي في فصل : خطة الإمام ، وغيره من الفصول ، ما يتعلق بذلك إن شاء الله تعالى.