العلويين في ذلك .. ونحن إن كنا لا نستبعد من المأمون ما ذكره ابن القفطي هنا لكننا لا نستطيع أن نعتبر أن هذا كان من الأسباب الرئيسية لدى المأمون ، إذ لا نعتقد أن المأمون كان من السذاجة بحيث يجهل أن بقية العلويين لم يكونوا ـ إجمالا ـ على الحال التي كان يريد أن يظهرهم عليها للناس ، وأنهم كانوا أكثر تدينا والتزاما من أي فئة اخرى على الإطلاق ..
هذا .. ولسوف نرى أن أحمد أمين المصري يأخذ برأي ابن القفطي هذا. لكنه ينظر فيه إلى خصوص أئمة أهل البيت (ع) ، كما سيأتي بيانه ، وبيان مدى خطله وفساده في الفصل التالي. وفيه دلالة على أن الفضل كان مخدوعا ، وعلى أن المأمون لم يكن مخلصا فيما اقدم عليه ..
د ـ : إنه لا بد لنا من الإشارة هنا إلى أن اكثر ثورات العلويين ، التي قامت ضد المأمون ـ قبل البيعة للرضا (ع) طبعا ـ كانت من بني الحسن ، وبالتحديد من أولئك الذين يتخذون نحلة الزيدية ؛ فأراد المأمون أن يقف في وجههم ، ويقضي عليهم ، وعلى نحلتهم تلك نهائيا ، وإلى الأبد ؛ فأقدم على ما أقدم عليه من البيعة للرضا (ع) بولاية العهد ..
هذا .. وقد كانت نحلة الزيدية هذه ـ شائعة في تلك الفترة ، وكانت تزداد قوة يوما عن يوم ، وكان للقائمين بها نفوذ واسع ، وكلمة مسموعة ، حتى إن المهدي قد استوزر يعقوب بن داود ، وهو زيدي ، وآخاه ، وفوضه جميع امور الخلافة (١).
وعلى حد تعبير الشبراوي : « .. فولاه الوزارة ، وصارت الأوامر كلها بيديه ؛ واستقل يعقوب حتى حسده جميع أقرانه .. » (٢).
__________________
(١) البداية والنهاية ج ١٠ / ١٤٧ ، وغيره من كتب التاريخ ؛ فراجع فصل : مصدر الخطر على العباسيين.
(٢) الاتحاف بحب الأشراف ص ١١٢.