الـ «١٠٠» مليون (١). وإذا كان هذا حال الولاة ، فكيف ترى كان حال الخلفاء ، الذين كانوا يحقدون على كل القيم ، والمثل ، والكمالات الانسانية .. والذين وصف الكميت رأيهم في الناس ، فقال :
رأيه فيهم كرأي ذوي الثلّة في الثائجات جنح الظلام.
جزّ ذي الصوف وانتقاء لذي المخّة ، نعقا ودعدعا بالبهام (٢).
نعم .. لقد كانت الأمة قد اقتنعت اقتناعا كاملا ونهائيا : بأن بني أمية ليس لهم بعد حق في أن يفرضوا أنفسهم قادة للامة ، ولا روّادا لمسيرتها ؛ لأن نتيجة ذلك ستكون ـ حتما ـ هي جرّ الامة إلى الهاوية ، حيث الدمار والفناء ؛ فلفظتهم ، وانقلبت عليهم ، تأخذ منهم بعض الحقوق التي لها عندهم. إلى أن تمكنت أخيرا من أن تخلي منهم الديار ، وتعفي منهم الآثار ..
ومن هنا نعرف : أن نجاح العباسيين في الاستيلاء على مقاليد الحكم ـ
__________________
(١) السيادة العربية ص ٣٢ ، ترجمة الدكتور حسن ابراهيم حسن ، ومحمد زكي ابراهيم. وفي البداية والنهاية ج ٩ ص ٣٢٥ : أن دخل خالد القسري كان في كل سنة « ١٣ » مليون دينار ، ودخل ولده يزيد بن خالد كان « ١٠ » ملايين دينار سنويا. ولا بأس بمطالعة كتاب السيادة العربية ، ليعرف ما أصاب الناس ، وخصوصا العراقيين والخراسانيين في عهد الامويين ..
(٢) الهاشميات ص ٢٦ ، ٢٧. والثلة : القطعة الكثيرة من الضان. والثائجات : الصائحات. وانتقاء : اختيار. وأراد بذي المخة : السمينة. ونعقا : أي صياحا. والدعدعة : زجر البهائم ..
يقول : رأي الواحد من هؤلاء الخلفاء في رعيته ، ومعاملته لها كرأي أصحاب الغنم في غنمهم ؛ فلا يراعون العدل ، ولا الانصاف فيهم ..