كان يريد الوصول إليه؟ .. وهل كانت لديه خطط من نوع معين ، وأهداف معينة كان يسعى من أجل الوصول إليها ، والحصول عليها؟! ..
الحقيقة هي : أن الإمام (ع) قد استطاع ، بما اتبعه من خطة حكيمة ، وسلوك مثالي : أن يضيع على المأمون كافة الفرص ، ويجعله يبوء بالخيبة والخسران ، ويمنى بالفشل الذريع ، حتى لقد أشرف المأمون منه على الهلاك ، وبدا الارتباك واضحا في كل تصرفاته ، وأقواله ، وأفعاله .. وسيأتي في الفصول الآتية في القسمين : الثالث ، والرابع بيان بعض ما يتعلق بذلك إن شاء الله.
وهكذا .. وبعد أن اتضحت الاسباب الحقيقية للبيعة ، وبعد أن عرفنا بعض الظروف والملابسات ، التي أحاطت بهذا الحدث الهام ، فاننا نستطيع أن نضع المأمون ، ونواياه ، وأهدافه ، في قفص الاتهام ، ولا يمكن أن نصدق ـ بعد هذا ـ أبدا ، أي ادّعاء سطحي ، يحاول أن يصور لنا حسن نية المأمون من البيعة ، وسلامة طويته ، ولا سيما ونحن نرى كتابه للعباسيين في بغداد فور وفاة الرضا ، وكذلك سلوكه المشبوه مع الرضا (ع) من أول يوم طلب منه فيه الدخول في هذا الأمر ، وحتى إلى ما بعد وفاته ، كما سيأتي بيانه في الفصول الآتية .. وكذلك كتابه لعبد الله بن موسى المتقدم ..
والأدهى من ذلك كله رسالته للسري ، عامله على مصر ، التي « يخبره فيها بوفاة الرضا ، ويأمره بأن تغسل المنابر ، التي دعي عليها لعلي بن موسى ، فغسلت .. » (١).
__________________
(١) الولاة والقضاة للكندي ص ١٧٠.