إنهم لم يعتمدوا كثيرا على العرب ، الذين كانوا يعانون من الانقسامات الداخلية الحادة ، وإنما استعانوا بغير العرب ، الذين كانوا في عهد بني أمية محتقرين ، ومنبوذين ، ومضطهدين ، ومحرومين من أبسط الحقوق المشروعة ، التي منحهم إياها الاسلام .. حتى لقد أمر الحجاج أن لا يؤم في الكوفة إلا عربي .. وقال لرجل من أهل الكوفة : لا يصلح للقضاء إلا عربي (١) ..
كما طرد غير العرب من البصرة ، والبلاد المجاورة لها ، واجتمعوا يندبون : وا محمدا وأحمدا. ولا يعرفون أين يذهبون ، ولا عجب أن نرى أهل البصرة يلحقون بهم ، ويشتركون معهم في نعي ما نزل بهم من حيف وظلم (٢).
بل لقد قالوا : « لا يقطع الصلاة إلا : حمار ، أو كلب ، أو مولى (٣) .. »
وقد أراد معاوية أن يقتل شطرا من الموالي ، عند ما رآهم كثروا ، فنهاه الأحنف عن ذلك (٤) ..
وتزوج رجل من الموالي بنتا من أعراب بني سليم ، فركب محمد بن بشير الخارجي إلى المدينة ، وواليها يومئذ ابراهيم بن هشام بن اسماعيل ،
__________________
(١) ضحى الاسلام ج ١ ص ٢٤ ، والعقد الفريد ج ١ ص ٢٠٧ ، ومجلة الهادي ، السنة الثانية العدد الأول ص ٨٩ ، وتاريخ التمدن الاسلامي المجلد ٢ جزء ٤ ص ٣٤٣.
(٢) السيادة العربية ص ٥٦ ، ٥٧ ، ولا بأس بمراجعة : تاريخ التمدن الاسلامي المجلد الأول ج ٢ ص ٢٧٤.
(٣) العقد الفريد طبع مصر سنة ١٩٣٥ ج ٢ ص ٢٧٠ ، وتاريخ التمدن الاسلامي جزء ٤ ص ٣٤١.
(٤) المصدران السابقان ..