وأحسب أن هذا المؤلف يشير بما ذكره هنا إلى ما ذكره جرجي زيدان في روايته : « الأمين والمأمون » ص ٢٠٣ ، طبع دار الاندلس ، فقد ذكر أن الفضل بن سهل قد اشترط على المأمون ذلك. واحتمل ذلك أيضا في كتابه : تاريخ التمدن الإسلامي ، المجلد الثاني جزء ٤ ص ٤٣٩. وكأن مؤلفنا يريد أن يقول : إن المأمون كان مضطرا إلى إجابتهم : إما خوفا من انتقاضهم عليه ، أو رغبة في القضاء على أخيه الأمين ، أو للسببين معا .. ولكن هذا الاشتراط كما قلنا ، ليس له أي سند تاريخي يدعمه ، بل الشواهد التاريخية كلها على خلافه ، سيما ونحن نرى الفضل بن سهل وأخاه يمانعان في عقد البيعة للرضا. وما ذكره « زيدان » ، لا يصلح شاهدا تاريخيا ، بعد أن كان روائيا ، لا يلتزم بالحقائق التاريخية .. وبعد أن لاحظنا : أنه يتعمد التضليل في كتابه : تاريخ التمدن الإسلامي ..
وأحسب أن هذا هو عين الاتهام الموجه للفضل بن سهل في أمر البيعة ؛ بأنه هو المدبر لها ، والقائم بها. لكنه صيغ بنحو آخر فيه الكثير من الايهام والابهام ..
وهناك بعض الباحثين يرى : أن من جملة الأسباب الهامة للبيعة : هو أن المأمون أراد أن يحذر العباسيين من مغبة المخالفة له ، والاستمرار في ذلك. وأن يرغمهم ، ويدفعهم إلى الوقوف إلى جانبه ؛ بدافع من خوفهم من انتقال الخلافة عنهم إلى خصومهم العلويين. وأن ينتقم منهم بسبب خلعهم له من ولاية العهد ، وتأييدهم أخاه الأمين عليه ، وتشجيعهم له