له : ادفع الخلافة من يدك إلى غيرك؟! أيجوز هذا في العقل؟!! .. الخ »
لا .. أبدا .. لا يمكن أن نتصور ، ولا يجوز في العقل : أن يأتي وزير ملك إليه ، ويطلب منه التنازل عن عرشه ، ويسلمه إلى رجل غريب ، وهو يعلم أن ذلك الملك ، قد قتل أخاه ، وغيره ، وهدم البلاد ، وأهلك العباد ، من أجل ذلك العرش .. هذا مع علمه أنه سوف لا يكون له هو في دولة ذلك الرجل الجديد الغريب ، أي شأن ، أو دور يذكر. أو على الأقل لن يكون له من النفوذ ، والسلطة والطول ، ما كان له مع ذلك الملك الأول. بل سوف يكون كأي فرد عادي آخر ، محكوما لا حاكما ، بكل ما لهذه الكلمة من معنى .. اللهم إلا أن يكون قد تآمر مع ذلك الملك الأول ، لتنفيذ خطة معينة ، قد رسماها معا من قبل ، وعملا على أن تكون الامور في نهاية الأمر في صالحهما ، ومن أجل تعزيز نفوذهما وسلطتهما ..
وهكذا .. تأبى الأحداث ، ويأبى المنطق أن يكون للفضل في هذه القضية شيء ، إلا عن طريق التآمر والتواطؤ مع سيده المأمون ، أفعى الدهاء والسياسة ، بعد دراسة دقيقة مشتركة للوضع ، وتقييم عام له .. اتفقا على أثره على خطة للتخلص من المشاكل التي كانت تعترض سبيلهما ، وتشكل ـ إلى حدّ ما ـ خطرا على وجودهما في الحكم ، وتفردهما بالسلطة .. وبذلك فقط نستطيع أن نفسر قول ابراهيم بن العباس في مدح الفضل في جملة أبيات له :
وإذا الحروب غلت
بعثت لها |
|
رأيا تفل به
كتائبها |
رأيا إذا نبت
السيوف مضى |
|
عزم به فشفى
مضاربها |