والنصوص الدالة على عدم رضا الإمام (ع) بهذا الأمر كثيرة ، ومتواترة ؛ فقد قال أبو الفرج : « .. فأرسلهما ( يعني الفضل والحسن ابني سهل ) إلى علي بن موسى ؛ فعرضا ذلك ( يعني ولاية العهد ) عليه ، فأبى ؛ فلم يزالا به ، وهو يأبى ذلك ، ويمتنع منه .. إلى أن قال له أحدهما : إن فعلت ذلك ، وإلا فعلنا بك وصنعنا ، وتهدده ، ثم قال له أحدهما : « والله ، أمرني بضرب عنقك ، إذا خالفت ما يريد »!!. ثم دعا به المأمون ، وتهدده ؛ فامتنع ، فقال له قولا شبيها بالتهديد ، ثم قال له : « إن عمر جعل الشورى في ستة ، أحدهم : جدك ، وقال : من خالف فاضربوا عنقه ، ولا بد من قبول ذلك .. » (١)!!
ويروي آخرون : أن المأمون قال له : « .. يا ابن رسول الله ، إنما تريد بذلك ( يعني بما أخبره به عن آبائه من موته قبله مسموما ) التخفيف عن نفسك ، ودفع هذا الأمر عنك ؛ ليقول الناس : إنك زاهد في الدنيا ..
فقال الرضا : والله ، ما كذبت منذ خلقني ربي عز وجل ، وما زهدت في الدنيا للدنيا ؛ وإني لأعلم ما تريد؟!! ..
فقال المأمون : وما أريد؟! قال : الأمان على الصدق؟
قال : لك الأمان.
قال : تريد بذلك أن يقول الناس : إن علي بن موسى لم يزهد في
__________________
(١) مقاتل الطالبيين ص ٥٦٢ ، ٥٦٣ ، وقريب منه ما في ارشاد المفيد ص ٣١٠ وغير ذلك.