مصر : يأمره بغسل المنابر التي دعي عليها للامام (ع) ؛ فغسلت؟!! (١).
وبعد .. وإذا كان الإمام (ع) حجة الله على خلقه ، وأعلم أهل الأرض على حد تعبير المأمون ؛ فلماذا يفوض عليه نظرية لا يراها مناسبة ، ويتهدده ، ويتوعده على عدم قبولها ، والاخذ بها؟! ..
وأخيرا .. هل يتفق ذلك كله ، مع ما أشرنا ، ولسوف نشير إليه ، من ذلك السلوك اللاإنساني مع الإمام (ع) ، قبل البيعة ، وبعدها ، في حياة الإمام ، وحين وفاته ، وبعدها .. وكذلك سلوكه مع العلويين ، وإخوة الإمام الرضا (ع) بالذات. ذلك السلوك الذي يترفع حتى الاعداء عن انتهاجه ، والالتزام به.
إلى آخر ما هنالك مما عرفت ، وستعرف جانبا منه في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ..
ولعل من الامور الجديرة بالملاحظة هنا : أن المأمون لم يكن قد حسب حسابا للأسئلة التي سوف تواجهه في هذا الصدد ؛ ولذا نرى أنه كان مرتبكا جدا في تبريراته لما أقدم عليه ؛ فهو تارة يعلل ذلك بأنه :
__________________
(١) ولا منافاة بينهما في نظر المأمون ؛ فانه لم يكن يخشى من ردة الفعل في مصر ؛ لأنها بالاضافة إلى بعدها ، لم تكن من المناطق الحساسة في الدولة ، ولم تكن أيضا شديدة التعاطف مع العلويين ؛ فهي إذن مأمونة الجانب .. وما كان يخشى منه قد أمنه ؛ بتظاهره أمام الملأ بالحزن الشديد على الامام عليهالسلام ؛ حيث يكون بذلك قد طمأنهم ، وأبعد التهمة عن نفسه في المنطقة التي يخشى منها في الوقت الحاضر .. وإلى أن تصل أخبار مصر إلى هذه المناطق الحساسة ؛ فانه يكون قد تجاوز المرحلة الخطيرة ، ولم يعد يخشى شيئا على الإطلاق ..