وسعا في الانتقام لنفسه من الإمام (ع) ، ومن كل من تصل إليه يده ، ممن له به (ع) أية صلة أو رابطة ..
وبأوضح بيان نقول : إنه لم يكن امتناع الإمام (ع) عن قبول ولاية العهد بالذي يثني المأمون عما كان قد عقد العزم عليه ؛ لأن الاسباب التي كانت تدعوه لذلك لم تكن تسمح له أبدا بالاصغاء لهذا الرفض ؛ فهي تحتم عليه أن يفعل ذلك ، مهما كلفه الأمر ، ومهما كانت النتائج.
ولم يكن لديه مانع من تنفيذ تهديداته ، لو علم أنه لا سبيل إلى تنفيذ ما يصبو إليه ، والحصول على ما يريد الحصول عليه ؛ فالقضية بالنسبة إليه هو المتعطش إلى الحكم والسلطة قضية مصير ومستقبل ، لا يمكن المساومة معها ، ولا مجال لغض النظر والتساهل فيها ..
وإذا كان قد قتل أخاه من أجل الملك وفي سبيله ؛ فأي مانع يمنعه من قتل الرضا (ع) من أجل الملك أيضا ، وفي سبيله .. أم يعقل أن يكون الرضا أعز عليه من أخيه ، وسائر من قتل من وزرائه هو ، وقواده ، وأشياعه؟!؟ ..
ولسوف لا نستغرب على المأمون ـ بعد قتله أخاه ـ الاقدام على أي تصرف في سبيل الملك ، حتى الاقدام على قتل الرضا (ع) ، بعد أن كان أبوه الرشيد قد أملى عليه درس « الملك عقيم » ، وقال له : « والله ، لو نازعتني أنت هذا الأمر ؛ لأخذت الذي فيه عيناك ؛ فإن الملك عقيم .. » (١).
__________________
(١) شرح ميمية أبي فراس ص ٧٣ ، والبحار ج ٤٨ ص ١٣١ ، وقاموس الرجال ج ١٠ ص ٣٧٠ ، وعيون أخبار الرضا ج ١ ص ٩١ ، وينابيع المودة ص ٣٨٣ ، مع بعض تحريف لها ، وغير ذلك ..