بل لقد جعلوا عدم جواز الخروج هذا من جملة العقائد الدينية ، كما يظهر من تتبع كلماتهم (١).
أما عقائد التشبيه ، وقضية خلق القرآن ، فلعلها أشهر من أن تذكر ، أو تحتاج إلى بيان.
يضاف إلى ذلك كله غرور الحكام ، الذي لا مبرر له ، وكذلك من لف لفهم ، الذين كانوا يحكمون الامة باسم الدين ..
وكذلك غفلة الناس ، وعدم إدراكهم لحقيقة ما يجري وما يحدث ، وللواقع المزري ، الذي كان قائما آنذاك ..
وأيضا .. وهو الأهم من كل ذلك ـ ابتعادهم ؛ بسعي من الهيئات الحاكمة ، عن أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ..
كل ذلك .. قد أدى بالفعل إلى انحلال الدولة داخليا ، وتمزيق أوصالها .. كما وأنه قد أسهم إسهاما كبيرا في ابعاد الناس عن تعاليم السماء ، وشريعة الله .. الأمر الذي لم يكن يعني إلا نهاية الحكم الإسلامي ،
__________________
(١) حسبما صرح به أحمد بن حنبل في رسالة « السنة » ، وهي عقائد أهل الحديث ، والسنة. وقد أوردها أبو يعلى في طبقات الحنابلة ج ١ ص ٢٦. وصرح بذلك أيضا الأشعري في مقالات الاسلاميين ج ١ ص ٣٢٣ ، وفي الإبانة ص ٩. وقد علل ذلك في نظرية الامامة ص ٤١٧ بقوله : « .. ذلك أنها : إن كانت بلوى من الله عقابا لهم ؛ فما ثورتهم برادة عقاب الله ، وإن كانت محنة للمسلمين ؛ فما هم برادي قضاء الله »!!.
وفي كتاب السنة قبل التدوين ص ٤٦٧ ، نقل عن ابن خزيمة ، في وصفه الطاعنين على أبي هريرة ، قوله : إنهم إما معطل جهمي .. « وإما خارجي يرى السيف على امة محمد ، أو قدري ، اعتزل الاسلام ، وأهله الخ .. » ..