تصريحاته وتصرفاته حين تأهب للسفر ـ لعله ـ قد فطن لنوايا المأمون هذه ؛ فضيع الفرصة عليه ، وأعاد كيده إليه ..
سلوكه في الطريق ، كما وصفه رجاء بن أبي الضحاك (١) ، حتى اضطر المأمون لأن يظهر على حقيقته ، ويطلب من رجاء هذا : أن لا يذكر ما شاهده منه لأحد ؛ بحجة أنه لا يريد أن يظهر فضله إلا على لسانه (٢) ، ولكننا لم نره يظهر فضله هذا ، حتى ولو مرة واحدة ؛ فلم يدّع أحد أنه سمع شيئا من المأمون عن سلوك الامام (ع) ، وهو في طريقه إلى مرو. وأما رجاء ، فلعله لم يحدث بذلك إلا بعد أن لم يعد في ذلك ضرر على المأمون ، وبعد أن ارتفعت الموانع ، وقضي الأمر ..
موقفه في نيشابور ، الذي لم يكن أبدا من المصادفة. كما لم يكن ذكره للسلسلة التي يروي عنها من المصادفة أيضا ؛ حيث أبلغ الناس في ذلك الموقف ، الذي كانت تزدحم فيه أقدام عشرات بل مئات الالوف (٣) ـ أبلغهم ـ : « كلمة لا إله إلا الله حصني ؛ فمن دخل
__________________
(١) راجع : البحار ج ٤٩ من ص ٩١ حتى ٩٥ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٨١ فما بعدها. وهو كلام معروف لا ترى أننا بحاجة لتكثير مصادره هنا ..
(٢) البحار ج ٤٩ ص ٩٥ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ١٨٣.
(٣) وذلك يدل على مدى تعاطف الناس مع أهل البيت ، ومحبتهم لهم. الأمر الذي كان يرعب المأمون ويخيفه .. حتى لقد كان يحاول كبت عواطف الناس هذه ، وهذا هو السبب في منع الامام من المرور عن طريق الكوفة وقم ، كما سيأتي ..