حصني أمن من عذابي (١) » ..
هذه الكلمة .. التي عد أهل المحابر والدوى ، الذين كانوا يكتبونها ؛ فانافوا على العشرين الفا .. هذا على قلة من كانوا يعرفون القراءة والكتابة آنذاك ، وعدا عمن سواهم ممن شهد ذلك الموقف العظيم ..
«. ونلاحظ : أنه (ع) ـ في هذا الظرف ـ لم يحدثهم عن مسألة فرعية ، ترتبط ببعض مجالات الحياة : كالصوم ، والصلاة ، وما شاكل. ولم يلق عليهم موعظة تزهدهم في الدنيا ، وترغبهم في الآخرة ، كما كان شأن العلماء آنذاك ..
كما أنه لم يحاول أن يستغل الموقف لاهداف شخصية ؛ أو سياسية ، كما جرت عادة الآخرين في مثل هذه المواقف .. مع أنه يتوجه إلى مرو ؛ ليواجه أخطر محنة تهدد وجوده ، وتهدد العلويين ، ومن ثم الامة بأسرها.
وانما كلم الناس باعتباره القائد الحقيقي ، الذي يفترض فيه : أن يوجه الناس ـ في ذلك الظرف بالذات ـ إلى أهم مسألة ترتبط بحياتهم ، ووجودهم ، إن حاضرا ، وإن مستقبلا. ألا وهي مسألة :
التوحيد .. التوحيد : الذي هو في الواقع الأساس للحياة الفضلى ، بمختلف جوانبها ، وإليه تنتهي ، وعليه وبه تقوم ..
التوحيد : الذي ينجي كل الامم من كل عناء وشقاء وبلاء. والذي إذا فقده الانسان ؛ فإنه يفقد كل شيء في الحياة حتى نفسه ..
هذا .. ولأنه قد يكون الكثيرون ممن شهدوا ذلك الموقف لم يتهيأ
__________________
(١) قد ذكرنا بعض مصادر هذه القضية في فصل : « شخصية الامام الرضا » فمن أراد فليراجع ..