إذ أنه قد بين للناس بقوله : « وأنا من شروطها » : أنه هو بنفسه من شروط كلمة التوحيد ، لا من جهة أنه ولي الأمر من قبل المأمون ، أو سيكون ولي الأمر أو العهد من قبله ؛ وإنما لأن الله تعالى جعله من شروطها.
وقد أكد (ع) على هذا المعنى كثيرا ، وفي مناسبات مختلفة ، حتى للمأمون نفسه في وثيقة العهد كما سيأتي ، وأيضا في الكتاب الجامع لاصول الاسلام والأحكام ، الذي طلبه منه المأمون ؛ حيث كتب فيه أسماء الأئمة الاثني عشر عليهمالسلام ، مع أن عددا منهم لم يكونوا قد ولدوا بعد ، كما أنه ذكر أسماءهم في احتجاجه على العلماء والمأمون في بعض مجالسهم العلمية ، وفي غير ذلك من مواقفه الكثيرة (ع) ..
وأخيرا .. لا بد لنا في نهاية حديثنا عن هذا الموقف التاريخي من الاشارة إلى أنه كان من الطبيعي أن يضم ذلك الحشد العظيم ، الذي يقدر بعشرات ، بل بمئات الالوف :
١ ـ حشدا من أهل الحديث واتباعهم ، الذين جعلوا صلحا جديدا بين الخلفاء الثلاثة ، وبين عليّ (ع) في معتقداتهم ، بشرط أن يكون هو الرابع في الخلافة والفضل. ولفقوا من الأحاديث في ذلك ما شاءت لهم قرائحهم ؛ حتى جعلوه إذا سمع ذكرا لأبي بكر يبكي حبا ، ويمسح عينيه ببرده (١).
وجعلوه أيضا ضرابا للحدود بين يدي الثلاثة : أبي بكر ، وعمر ،
__________________
(١) تاريخ الخلفاء ص ١٢٠ ، وغيره.