آبائه الطاهرين (ع) في أعظم مسألة دينية ، تفرقت لاجلها الفرق في الاسلام ، وسلت من أجلها السيوف. بل لقد قال الشهرستاني :
« .. واعظم خلاف بين الامة خلاف الامامة ؛ إذ ما سل سيف في الاسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الامامة في كل زمان .. » (١).
وبعد كل ما قدمناه .. لا يبقى مجال للقول : إن قوله هذا : « وأنا .. » لا ينسجم مع ما عرف عنه (ع) من التواضع البالغ ، وخفض الجناح ؛ إذ ليس ثمة من شك في أن للتواضع وخفض الجناح موضع آخر. وأنه كان لا بد للامام في ذلك المقام ، من بيان الحق الذي يصلح به الناس أولا وآخرا ، ويفتح عيونهم وقلوبهم على كل ما فيه الخير والمصلحة لهم ، إن حاضرا ، وإن مستقبلا ، وإن جزع من ذلك قوم ، وحنق آخرون ..
ومما هو جدير بالملاحظة هنا ، هو أن أئمة الهدى عليهمالسلام كانوا يستعملون التقية في كل شيء إلا في مسألة أنهم عليهمالسلام الأحق بقيادة
__________________
(١) الملل والنحل ، ج ١ ص ٢٤. وقال الخضري في محاضراته ج ١ ص ١٦٧ : « .. والخلاصة : أن مسألة الخلافة الاسلامية والاستخلاف ، لم تسر مع الزمن في طريق يؤمن فيه العثار. بل كان تركها على ما هي عليه ، من غير حل محدد ترضاه الامة ، وتدفع عنه سببا لاكثر الحوادث التي أصابت المسلمين ، وأوجدت ما سيرد عليكم من أنواع الشقاق والحروب المتواصلة ، التي قلما يخلو منها زمن ، سواء كان ذلك بين بيتين ، أو بين شخصين .. » انتهى.
وأقول : إذن .. كيف جاز للنبي (ص) أن يترك الامة هكذا هملا ، ثم لا يضع حلا لأعظم مشكلة تواجهها ، مع أن شريعته كاملة وشاملة ، وقد بين فيها كل ما تحتاجه الامة ، حتى أرش الخدش.