فأجابه الإمام (ع) : « جرأني على هذا ما قال رسول الله (ص) : إن أخذ أبو جهل من رأسي شعرة ؛ فأشهد أني لست بنبيّ .. وأنا أقول لكم : إن أخذ هارون من رأسي شعرة ؛ فاشهدوا أني لست بإمام .. » (١).
وفي هذا المعنى روايات عديدة (٢) ..
ولكنهم عليهمالسلام قد انصرفوا بعد الحسين (ع) عن طلب هذا الأمر بالسيف .. إلى تربية الامة ، وحماية الشريعة من الانحرافات التي كانت تتعرض لها باستمرار ؛ ولأنهم كانوا يعلمون : أن طلب هذا الأمر من دون أن يكون له قاعدة شعبية قوية وثابتة ، وواعية ، لن يؤدي إلى نتيجة ، ولن يقدّر له النجاح ، الذي يريدونه هم ، ويريده الله .. ولكنهم ـ كما قلنا ـ ظلوا عليهمالسلام يجاهرون بأحقيتهم بهذا الأمر ، حتى مع خلفاء وقتهم ، كما يظهر لكل من راجع مواقفهم وأقوالهم في المناسبات المختلفة ..
رفضه (ع) الشديد لكلا عرضي المأمون : الخلافة ، وولاية العهد ، وإصراره على هذا الرفض الذي استمر أشهرا ، وهو في مرو نفسها ، حتى لقد هدده المأمون اكثر من مرة بالقتل ..
وبذلك يكون قد مهد الطريق ليواجه المأمون بالحقيقة ؛ حيث قال له صراحة : إنه يريد أن يقول للناس : إن علي بن موسى لم يزهد بالدنيا ، وإنما الدنيا هي التي زهدت فيه ؛ وليكون بذلك قد أفهم المأمون أن
__________________
(١) المناقب لابن شهر اشوب ج ٤ ص ٣٣٩ ، وعيون أخبار الرضا ج ٢ ص ٢١٣.
(٢) راجع : البحار ج ٤٩ ، وروضة الكافي ، وعيون أخبار الرضا ، وإرشاد المفيد ، وغير ذلك.