حيلته لم تكن لتجوز ، وأن زيفه لا ينطلي عليه ، ولذا فان عليه أن يكف في المستقبل عن كل مؤامراته ومخططاته .. وليكون المأمون بعد هذا غير مطمئن لأي عمل يقدم عليه ، وضعيف الثقة بكل الحيل والمؤامرات التي يحوكها. هذا بالاضافة إلى أن الناس سوف يشكون في طبيعية هذا الأمر ، وسلامة نوايا المأمون فيه ..
ولم يكتف الامام (ع) بذلك كله .. بل كان لا يدع فرصة تمر إلا ويؤكد فيها على أن المأمون قد اكرهه على هذا الأمر ، وأجبره عليه ، وهدد بالقتل إن لم يقبل ..
يضاف إلى ذلك .. أنه كان يخبر الناس في مختلف المناسبات : أن المأمون سوف ينكث العهد ، ويغدر به .. حتى لقد قال في نفس مجلس البيعة للمستبشر : « لا تستبشر ؛ فانه شيء لا يتم ». بل لقد كتب في نفس وثيقة العهد ما يدل على ذلك دلالة واضحة ، كما سيأتي بيانه في الموقف الثامن ..
هذا عدا عن أنه كان يصرح بأنه لا يقتله إلا المأمون ، ولا يسمه إلا هو ، حتى لقد واجه نفس المأمون بهذا الأمر ..
بل إنه لم يكن يكتفي بمجرد القول ، وإنما كانت حالته على وجه العموم في فترة ولاية العهد تشير إلى عدم رضاه بهذا الامر ، وإلى أنه مكره مجبر عليه ..
حيث إنه كان على حد تعبير الرواة : « في ضيق شديد ، ومحنة عظيمة » و « لم يزل مغموما مكروبا حتى قبض » ، و « قبل البيعة ، وهو باك حزين » وكان كما يقول المدائني : « إذا رجع يوم الجمعة من