الحذف والتحريف ؛ فإنه ـ على ما يبدو ـ ليس إلا من أجل التشويش على تلك ، وإبطال كل أثر لها ، ظلما للحقيقة ، وتجنيا على التاريخ ..
وأعتقد أنه أعظمها أثرا ، وأعمها نفعا ، وهو ما كتبه (ع) على وثيقة العهد ، التي كتبها المأمون بخط يده ..
فإننا إذا ما رجعنا إليه نجد : أن كل سطر فيه ، بل كل كلمة لها مغزى عميق ، ودلالة هامة ، تلقي لنا ضوءا كاشفا على خطته (ع) في مواجهة مؤامرات المأمون ، وخططه ، وأهدافه ..
فلقد كان يعلم : أن هذه الوثيقة ستقرأ في مختلف الأقطار الإسلامية ؛ ولذلك نراه (ع) قد اتخذها وسيلة لإبلاغ الامة الحقيقة كل الحقيقة ، وتعريفها بواقع نوايا وأهداف المأمون. وأيضا تأكيد حق العلويين ، وكشف المؤامرة التي تحاك ضدهم ..
فبينما نراه (ع) يبدأ كلامه ـ فيما كتبه في الوثيقة المشار إليها ـ بداية غير طبيعية ، ولا مألوفة في مناسبات كهذه حيث قال : « الحمد لله الفعال لما يشاء ، ولا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه .. » .. لا يأتي بعدها بما يناسب المقام ، ويتلائم مع سياق الكلام ، من تمجيد الله ، والثناء عليه على أن ألهم أمير المؤمنين!! هذا الأمر .. بل نراه يأتي بعبارة غريبة ، وغير متوقعة ؛ ألا وهي قوله : « يعلم خائنة الأعين ، وما تخفي الصدور الخ .. ».
أفلا توافقني ـ قارئي العزيز ـ على أنه (ع) يريد أن يوجه أنظار الناس إلى أن الأمر ينطوي على خيانة مبيتة ، وأن هناك صدورا تخفي غير ما تظهر؟!. ثم .. ألا توافقني على أن هذه العبارة تعريض بالمأمون