ولعمري .. لو كان ما كتبه الإمام الرضا (ع) على وثيقة العهد من شخص عادي آخر ، لكان يقال عنه الشيء الكثير تعظيما وتبجيلا ؛ حيث إنه لم يضل عن خطته التي اختطها لنفسه ، ولا حاد عن نهجه قيد أنملة .. مع أن المأمون كان قد فاجأه بطلب الكتابة على الوثيقة ، ولم يكن هو مستعدا ، ولا متوقعا لذلك ؛ لأن العادة لم تكن قد جرت على ذلك ..
وهذا ولا شك مما يزيد من عظمة الإمام ، ويعلي من شأنه ، ويستدعي المزيد من التعظيم والتبجيل له ..
ولكن الحقيقة هي : أنه ـ وهو الإمام المعصوم ـ غني عن كل تلكم التقريظات ، وعن ذلكم التعظيم والتبجيل ..
شروطه (ع) على المأمون لقبول ولاية العهد ، وهي :
« أن لا يولي أحدا ، ولا يعزل أحدا ، ولا ينقض رسما ، ولا يغير شيئا مما هو قائم ، ويكون في الأمر مشيرا من بعيد (١) » ؛ فأجابه المأمون إلى ذلك كله!!!.
وفي ذلك تضييع لجملة من أهداف المأمون .. إذ أن :
__________________
(١) الفصول المهمة ، لابن الصباغ المالكي ص ٢٤١ ، ونور الابصار من ص ١٤٣ ، وعيون أخبار الرضا ج ١ ص ٢٠ ، وج ٢ ص ١٨٣ ، ومواضع اخرى ، ومناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٣٦٣ ، وعلل الشرائع ج ١ ، ص ٢٣٨ ، وإعلام الورى ص ٣٢٠ ، والبحار ج ٤٩ ص ٣٤ و ٩٥ ، وغيرها ، وكشف الغمة ج ٣ ص ٦٩ ، وارشاد المفيد ص ٣١٠ ، وأمالي الصدوق ص ٤٣ ، واصول الكافي ص ٤٨٩ ، وروضة الواعظين ج ١ ص ٢٦٨ ، ٢٦٩ ، ومعادن الحكمة ص ١٨٠ ، وشرح ميمية أبي فراس ص ١٦٥.