أحد كلامه حتى يفرغ منه ، وما رد أحدا عن حاجة يقدر عليها ، ولا مد رجليه بين يدي جليس له قط ، ولا اتكأ بين يدي جليس له قط ، ولا شتم أحدا من مواليه ومماليكه قط ، ولا رأيته تفل قط ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط ، بل كان ضحكه التبسم. وكان إذا خلا ، ونصبت مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه ، حتى البواب والسائس. وكان قليل النوم بالليل ، يحيي اكثر لياليه من أولها إلى الصبح. وكان كثير الصيام ؛ فلا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر ، ويقول : ذلك صوم الدهر. وكان كثير المعروف والصدقة في السر ، واكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة ؛ فمن زعم أنه رأى مثله في فضله ؛ فلا تصدقوه .. » (١).
وهذه الصفات بلا شك قد أسهمت اسهاما كبيرا في أن يكون الإمام (ع) هو الارضى في الخاصة والعامة ، وأن تنفذ كتبه في المشرق والمغرب ، إلى غير ذلك مما تقدم ..
وقد اعترض عليه بعض أصحابه ؛ عند ما رآه يأكل مع خدمه وغلمانه ، حتى البواب والسائس ؛ فأجابه (ع) : « مه ؛ إن الرب تبارك وتعالى واحد ، والام واحدة ، والأب واحد ، والجزاء بالأعمال .. » (٢) .. وقال له أحدهم : أنت والله خير الناس ، فقال له الإمام : « لا تحلف يا هذا ، خير مني من كان أتقى لله تعالى ، واطوع له ؛ والله ما
__________________
(١) كلام ابراهيم بن العباس هذا معروف ومشهور ، تجده في كثير من كتب التاريخ والرواية ؛ ولذا فلا نرى أننا بحاجة إلى تعداد مصادره.
(٢) البحار ج ٤٩ ص ١٠١ ، والكافي للكليني ، ومسند الامام الرضا ج ١ قسم ١ ص ٤٦.